- الخطب
- /
- ٠1خطب الجمعة
الخطبة الأولى:
الحمد لله ثمّ الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنّا لِنَهْتَدِيَ لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكّلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقرارًا برُبوبيَّته ، وإرغامًا لمن جحد به وكفر ، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدًا صلى الله عليه وسلّم رسول الله سيّد الخلق والبشر ما اتَّصَلَت عين بنظر ، أو سمعت أذنٌ بِخَبر ، اللَّهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدّين، اللّهمّ علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزدْنا علمًا ، وأرنا الحقّ حقًّا وارزقنا اتّباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتّبعون أحْسنه ، وأدْخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
نفسُ الإنسان لا تطيب إلا بالاستقامة على أمر الله :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ في الخطبة السابقة تحدَّثتُ عن مصير الإنسان حينما وقفنا عند أواخر سورة الزمر ، قال تعالى :
﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً﴾
وقوله تعالى :
﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً﴾
وكيف أنّ الملائكة يقولون لهؤلاء المؤمنين حينما يُساقون إلى الجنّة سوق تكريم :
﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾
إنّ هذا السَّلام في الجنّة كان ثمنهُ أنّكم طِبتُم .
فيا أيها الأخوة المؤمنون ؛ متى تطيبُ نفسُ الإنسان ؟ إذا استقام على أمر الله ، وإذا طاب عمله ، وإذا حسُن عمله ، تطيبُ نفسه ، فإذا طابتْ نفسهُ كانتْ مؤهّلةً بِفَضْل الله عز وجل لدُخول الجنّة ، ولن يستقيم الإنسان على أمْر الله تعالى ، ولن يحْسُن عمله ، ما لمْ تصِحّ عقيدتهُ ، فالخلل في العقيدة ينعكسُ على السُّلوك ، إما انحرافًا ، وإما تقصيرًا .
فيا أيها الأخوة المؤمنون ؛ لابدّ من أن تصِحّ العقيدة ، لابدّ من أن يكون الإنسان في العقيدة الصحيحة التي يجبُ أن تُعلمَ بالضرورة ، فقد يتبادر للإنسان الغافل الجاهل أنّ الإنسان قد خُلِقَ عبثًا ، هذا المعنى إذا تصوَّر الإنسان أنّ الله سبحانه وتعالى خلق الخلْق عبثًا بلا هدفٍ كبير ، بلا حكمةٍ بالغة ، فإنّه ينحرفُ في سُلوكه ، ويضلّ في حياته ، ولا يسعى إلى هدفٍ معيَّن لأنّه يعتقد خطأ أن الله سبحانه وتعالى أنّما خلق الخلْق عبثًا ، لهذا جاءتْ آيات القرآن الكريم لِتَنْفيَ هذه الفكرة الخاطئة ، فقال تعالى :
﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾
العبث أن يُخلق الخلْق بلا هدف كبير ، أهكذا ظننْتُم ؟ أنّما خلقناكم عبثًا وأنّكم إلينا لا ترجعون ، قال تعالى :
﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾
تعالى الله أن يخلق الخلق عبثًا ، تعالى الله أن تنفيَ عن خلقه الهدف الكبير .
الخلل في العقيدة ينعكسُ على السُّلوك انحرافًا أو تقصيرًا :
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ هناك هدفٌ كبير خُلِقْنا من أجله ، خلقتُ السموات والأرض ، ولم أعيَ بِخَلقهنّ ، خلقتُ لك السموات والأرض من أجلك ، وخلقتُك من أجلي ، وربّنا سبحانه وتعالى في آيةٍ أخرى ينفي أن يخلق الإنسان سُدى هكذا ، فيقول تعالى :
﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾
المحسِنُ لا يُجازى ، والمسيء لا يُعاقب ، المنفق لا يكرّم ، والبخيل لا يؤاخذ ، أهكذا ؟ في الحياة قويّ وضعيف ، وغنيّ وفقير ، وصحيح ومريض ، وجميلٌ ودميم ، أهكذا تنتهي الحياة من دون حساب ؟ ومن دون جزاء ؟ من دون أن يُثاب المحسن ؟ من دون أن يُعاقب المسيء ؟ من دون أن يكرّم الكريم ؟ من دون أن يُحاسب البخيل ؟ قال تعالى :
﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾
هذا الذي يعتقد أنّ الله سبحانه وتعالى خلق الخلْق عبثًا في عقيدته فسادٌ كبير ، وفسادُ عقيدته ربّما أدّى إلى فساد عمله ، فلا ينحرف الإنسان عن طريق الحقّ إلا لِفَسادٍ في عقيدته ، قال تعالى :
﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾
إن لم يكن ذلك كذلك فما هو الهدف الكبير الذي خُلقنا من أجله ؟ ألا يجدرُ بنا أن نبحث عن هذا الهدف ؟ أفي الأرض كلّها شيءٌ يعلو على فهْم هذا الهدف ؟ أفي نشاطنا وحركاتنا وسكناتنا كلّ ما نفعل في الدّنيا هدفٌ يعْلو على فهم هذا الهدف ؟ قال تعالى :
﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾
وفي الآية الثانية قال تعالى :
﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾
هكذا من دون حساب ، من دون مسؤوليّة ، من دون تَبِعَة ، من دون جزاء ، من دون أن يكون مُدانًا ، لماذا كان يوم الدِّين - يوم الدِّين أي يوم الجزاء - من دون أن يحكم الله بين العباد ؟ من دون أن يفصِلَ بينهم ؟ قال تعالى :
﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى* فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾
بلى ، يا ربّ أنت قادرٌ على أن تُحييَ الموتى ، فيجبُ أن نعتقد أنّ هذا الخلْق العظيم وراءهُ هدفٌ عظيم ، وأنّ هذا الإنسان سيُحاسبُ على كلّ حركةٍ وسكنة ، سيُحاسبُ على إحسانه ، وسيُحاسبُ على إساءته .
الهدف من خلق الإنسان :
هناك شيءٌ آخر ، يقول الله سبحانه وتعالى :
﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً﴾
والشيء الباطل هو الشيء الزائل ، فالإنسان خُلِقَ لِيَبقى ، وربّما يفنى على وجه الأرض ، ولكنّ الله سبحانه وتعالى خلقهُ لِيَبقى في جنّة عرضها السموات والأرض ، ليس خلْقُ الإنسان باطلاً ، بمعنى أنّ الهدف من خلقه أن يخلد في جنّة يدوم نعيمها ، أو أن يدفعَ ثمن انحرافه في نارٍ لا ينفذُ عذابها قال تعالى :
﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً﴾
هذا الذي يعتقد أنّ الحياة تنتهي عند الموت ، وينتهي مع الموت كلّ شيء فلا يُحاسبُ المحسن ، ولا يُعاقب المسيء ، ولا يغتني الفقير ، ولا يفتقر الغني ، هذا الذي يعتقد الموت نهاية الحياة في عقيدته زَيَغ خطير ، وهذا الزّيغ الخطير يؤدّي به إلى انحرافٍ في العمل، أو تقصير فيه . قال تعالى :
﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾
هؤلاء الذين كفروا من لوازم كفرهم أنّهم يعتقدون أنّ الحياة هي كلّ شيء ، وفيها كلّ شيء ، فالسعيد من كان فيها قويًّا غنيًّا ، والشقيّ من كان فيها ضعيفًا فقيرًا ، قال تعالى :
﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ﴾
إذًا الله سبحانه وتعالى لم يخلق الخلْق عبثًا ، ولم يخلق الإنسان سُدًى ، ولم يخلق ما في السموات والأرض باطلاً .
والآية الأخيرة قوله تعالى :
﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴾
لم يُخْلق الخلْق عبثًا ، ولا سُدى ، ولا باطلاً ، ولا لعبًا ، هذه الكلمات الأربع تصبّ في حقلٍ واحدٍ ، أيْ خلْقٌ بلا هدف ، خلقٌ طارئ ، خلْقٌ ينقضي مع انتهاء الحياة ، قال تعالى :
﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾
ما دام هناك حياةٌ ، وموتٌ ، وألَمٌ ، وشقاءٌ ، ومرضٌ ، وفيضانٌ ، وزلزالٌ ، وموجاتٌ من الفقْر ، وجوائح ، ونكبات ، ومآسي ، هذه كلّها خُلِقَتْ لِهَدفٍ كبير ، لمْ تُخْلق عبثًا، قال تعالى :
﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾
الحكمة من خلق السموات و الأرض و خلق الإنسان :
أيها الأخوة الأكارم ، مادام خلق السموات والأرض ، وخلق الإنسان ، وخلق كلّ شيء ليس عبثًا ، ولا سُدى ، ولا باطلاً ، ولا لعبًا ، ولا لهوًا ، فلماذا خلق الله السموات والأرض؟ ولماذا خلق الإنسان ؟ يأتي الجواب في قوله تعالى :
﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ﴾
فالحقّ أيها الأخوة ، ليس عبثًا ، وليس سُدى ، والحقّ ليس باطلاً ، والحق ليس لعبًا ، والحق ليس لهوًا ، فسَّرَ بعض العلماء الحقّ بأنّه الشيء الثابت ، وبأنّه الشيء الهادف ، خلق الله السموات والأرض ، وخلق الإنسان لهَدَفٍ كبير ، فمعرفة الهدف شيءٌ خطير .
آياتٌ أخرى تتحدَّث في موضوع يتَّصل بهذا الموضوع ، يقول الله سبحانه وتعالى:
﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾
السموات والأرض مسخَّرة للإنسان ، مياه الأمطار مسخّرة للإنسان ، إخراج الثمرات مسخّرة للإنسان ، الفلْك يجري بأمره مسخّر للإنسان ، الشمس والقمر مسخَّراتٌ للإنسان، الليل والنهار مسخّر للإنسان ، قال تعالى :
﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾
وفي آية أخرى قال تعالى :
﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ﴾
وفي آية أخرى ، قال تعالى :
﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً ﴾
وفي آية رابعة ، قال تعالى :
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ﴾
وفي آية خامسة ، قال تعالى :
﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾
هذه الآية الأخيرة تشملُ كلّ شيء ، هذه المجرات التي تقدّر بمليون مليون مجرّة ، وهو أحدثُ رقم ، وفي كلّ مجرّة مليون مليون نجم ، هذه المجرات ، وهذه السموات والأرض ، هذه الكواكب السيارة ، المجموعة الشمسيّة ، دربُ التبّانة ، الأرض وما عليها من بحار ، ومن أطيار ، ومن أسماك ، ومن جبال ، هذه كلّها مُسخَّرةٌ للإنسان .
تسخير السموات و الأرض للإنسان لمعرفة الله و السعادة بقربه :
أُعيد على أسماعكم هذه الآية الأخيرة ، قال تعالى :
﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾
آيةٌ أخرى تشبهها ، قال تعالى :
﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾
ما من شيءٍ خلق على وجه الأرض - ما بين السماء والأرض- إلا وهو مسخّر للإنسان ، فمن أنت أيّها الإنسان ؟ من أنت أيّها الإنسان حتى تُسخّر لك السموات والأرض ؟ حتى تُسخَّر لك المجرات ؟ حتى تُسخَّر لك الشّمس ؟ حتى يُسخّر لك القمر ؟ من أنت حتى تُسخّر لك الجبال وما فيها من مياه ، وما على الأرض من أنهار ، ومن سهول ، ومن أطيار ، ومن رياحين ، ومن أزهار ، ومن نباتات ، ومن محاصيل ؟ من أنت أيها الإنسان ؟ لا شكّ أنّ هذا الإنسان الذي سُخِّرَ له كلّ ما في السموات والأرض ، سُخِّر له كلّ ما في السموات والأرض هو الإنسان الذي كرّمه الله سبحانه وتعالى ، جعلهُ أعلى مخلوقاته ، قال تعالى :
﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾
الآيات الأولى تنفي أن يكون الخلْق عبثًا ، تنفي أن يكون الخلق سُدًى ، تنفي أن يكون الخلْق لعبًا ، تنفي أن يكون الخلق باطلاً ، تنفي أن يكون الخلق لهوًا ، والآيات الثانية تؤكّد أنّ كلّ ما خلقه الله سبحانه وتعالى مُسَخَّرٌ للإنسان ؛ قال :
أتَحْسبُ أنّك جرمٌ صغير وفيك انطوى العالم الأكبر ؟
***
خلقت السموات والأرض من أجلك ، فلا تتْعَب ، وخلقْتُكَ من أجلي فلا تلعب ، فبِحَقّي عليك ، لا تتشاغل بما ضمِنتهُ لك عمّا افْترضْتُهُ عليك ، لماذا خلق الله الإنسان ؟ جاء أعرابيّ إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، قال : يا رسول الله ، جئتك لِتُعلّمني من غرائب العلم ، فقال عليه الصلاة والسلام : وماذا صنعْت في أصل العلم ؟ قال : وما أصلُ العلم ؟ فقال : هل عرفت الربّ ؟ كأنّ معرفة الله سبحانه وتعالى ، وطاعته ، والتقرّب إليه هو الهدف الكبير من وُجود الإنسان على وَجه الأرض ، هل في المخلوقات مخلوقٌ حقّق الهدف الذي أراده الله سبحانه وتعالى ؟ نعم ، إنّه النبي عليه الصلاة والسلام ، إذا درسنا سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ، وإذا وقفنا على دقائق حياته ، إذا تعرَّفنا على شمائله ، إذا اقْتفيْنا سنّته ، إذا طبّقنا شريعته ، نكون في طريق تحقيق الهدف الذي خُلقنا من أجله ، ها هو ذا شهر بيع يُطلّ علينا ، وها هو ذا عيد المولد النبويّ الشريف يُطلّ علينا أيضًا ، إنّ الاحتفال بعيد المولد النبويّ الشريف ليس أن تقيم الحفلات ، ولا أن تأكل ما لذّ وطاب ، ولا أن تتكلّم كلامًا مألوفًا معادًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، الأمْر أخطرُ من ذلك ، أنت على وجْه الأرض لمْ تخلق عبثًا ، بل سُخِّرَت لك ما في السموات والأرض ، لماذا سُخِّرَتْ لك ؟ من أجل أن تعرفهُ ، ومن أجل أن تعبدهُ ، ومن أجل أن تسْعَدَ بقُربِهِ .
العبادة طاعة طوعية :
لذلك حينما قال الله سبحانه وتعالى :
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
فسَّرَ بعض العلماء العبادة بأنّها طاعةٌ طَوْعِيَّة ، تسبقها معرفةٌ يقينيّة ، تفضي إلى سعادةٍ أبديّة ، وفي العبادة أشياء ثلاثة هي ؛ طاعة الله عز وجل ، ولكنّ هذه الطاعة ليْسَت قسريّة ، الإنسان قد يُطيعُ إنسانًا قهرًا ، وقسْرًا ، ولكنّ العبادة لا ترقى إلى مستواها الذي أراده الله إلا أن تكون طاعةً طوعيّة ، لهذا يقول الله سبحانه وتعالى :
﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾
طاعةً طَوْعِيَّة ، لن تُطيع الله عز وجل ، ولن تستقيم على أمره ، ولن تنضبط بالسُّلوك النبويّ الشريف ، ولن تقف عند حُدوده ، ما لم تعرفهُ ، إذا عرفتَ الآمِر تُطَبّق الأمْر، وحينما نتعرّف إلى الأمر قبل الآمِر يكون الزّيغ ، وتكون الحِيَلُ الشَّرعيّة ، وتكون الانحرافات ، ويكون التقصير ، ويكون النّفاق ، ويكون الظاهر والباطن ، أما إذا عرفْت الآمر قبل أن تعرف الأمْر ، عندها تقف عند حدّك ، وتعرف الهدف من خلقك .
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ الطائفتان من الآيات الكريمة ، الأولى تنفي أن يكون الخلق عبثًا ، وتنفي أن يكون الخلْق باطلاً ، وتنفي أن يكون الخلق لهْوًا ، وتنفي أن يكون الخلْق لعبًا ، وتنفي أن يكون الخلْقُ سُدًى ، والآيات الثانية تؤكّد أنّ كلّ ما في السموات والأرض جملةً وتفصيلاً ، ما كبُرَ في أعْيُنِكُم ، وما صغُر ، ما كان جليلاً ، وما كان حقيرًا ، ما كان مؤذيًا ، وما كان نافعًا ، ما كان كبيرًا ، وما كان صغيرًا ، كلّه مسخَّرٌ للإنسان ، وأنت لماذا خُلقْت ؟ خُلقْت كي تعرف الله سبحانه وتعالى ، وكي تعبدهُ ، من أجل أن تسعد بِقُربِهِ .
من أراد أن يعرف نفسهُ فليتعرّف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فيا أيها الأخوة المؤمنون ؛ هذه الأفكار ، هذه المنطلقات النظريّة - إن صحّ التعبير - هذه الفلسفة لن تكون مجديةً ما لم يكن إنسانٌ من بني البشر ، من ذات جلدتنا ، من بني جلدتنا ، من ذات جبلّتنا ، لا بدّ من أن يكون إنسانٌ قد تمثّلَتْ فيه كلّ هذه المعاني ، ولابدّ من القدوة الحسنة ، ولابدّ من الأُسْوَة الصالحة ، ولابدّ من المثَل الذي يجب أن يُحْتذى ، لهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام هو المثل الأعلى ، وهو الأُسْوة الصالحة ، وهو القُدْوة الحسنة ، فمن أراد أن يعرف نفسهُ ، فليتعرّف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، إنّه الإنسان الأوّل الذي حقّق الهدف من وُجوده ، إنّه الإنسان الذي كان محمودًا في الأرض ، ومحمودًا في السماء، إنّه الإنسان الذي جاء إلى الدنيا ، وخرج منها ، وقد ربِحَ فيها ربْحًا لا حدود له ، كم من إنسانٍ يولدُ ويموت ويعيشُ على هامش الحياة ؟ يعيشُ ليأكل ، أو يعيشُ لِيَنغمسَ في الملذّات، ويأتي الموت ، ويُنهيه ، وكأنّه لم يكن و يبقى العذاب الأبديّ ، لهذا ورد في بعض الأثر أنّه ما من بيتٍ إلا وملكُ الموت يقف فيه في اليوم خمس مرات ، فإذا رأى أنّ العبد قد انقضى أجله ، وانقطع رزقهُ ، ألقى عليه غمّ الموت فغَشِيَتْهُ سكراتهُ ، فمِنْ أهل البيت الضاربة وجهها ، والصارخة بِوَيلِها ، فيقول ملك الموت : فيم الجزع ؟ وممّ الفزع ؟ ما أذهبتُ لواحد منكم رزقًا ، ولا قرَّبت له أجلاً ، وإنّ لي فيكم لعَوْدة ، ثمّ عودة ، حتى لا أُبقي منكم أحدًا ، فو الذي نفسُ محمّد بيده ؛ لو يرَوْن مكانه ، أو يسمعون كلامه ، لذَهِلوا عن ميِّتهم ، ولَبَكَوا على أنفسهم ، إذا سارَتْ الجنازة تُرَفْرف روح هذا الميّت فوق النّعْش ، تقول : يا أهلي ، يا ولدي لا تلعبنّ بكم الدّنيا كما لعِبَتْ بي ، جمعتُ المال مما حلّ وحرم ، فأنفقتهُ في حلّه وفي غير حلّه ، فالهناء لكم ، والتَّبعة عليّ .
أيها الأخوة المؤمنون ؛ إذا تعرّفنا إلى النبي عليه الصلاة والسلام فإنّما نتعرّف إلى أنفسنا ، لماذا خُلقنا على وجه الأرض ؟ إذا تعرّفنا إلى سيرته فكأنّما نتعرّف إلى المنهج الذي ينبغي أن نسير عليه ، إذا تعرَّفنا إلى أخلاقه فكأنّما نتعرّف إلى الأخلاق التي ينبغي أن نتحلّى بها ، إنّ التعرُّف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم شيءٌ أساسي في حياة المؤمن ، ليس ترفًا، وليس من باب تحصيل الزّيادة أن نتعرّف إلى النبي عليه الصلاة والسلام إنّه الإنسان الأوّل ، والإنسان الكامل ، إنّه الإنسان الذي حقّق الهدف الأكبر من وُجود الإنسان على وجه الأرض ، قال تعالى :
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾
قراءة الأحاديث الشريفة وشمائل النبي منهج لنا :
ذِكْرُ الله تعالى ذكرًا كثيرًا علامة الصِّدْق ، لأنّ المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً ، فمن كان يرجو الله واليوم الآخر ، وذكر الله كثيرًا ، يكون النبي عليه الصلاة والسلام أُسْوةً حسنةً له ، لذلك قراءة الأحاديث الشريفة ، قراءة السنّة النبويّة المطهّرة ، وقراءة شمائل النبي عليه الصلاة والسلام والتعرّف عليها ، هذا منهج لنا ، من هنا قال سيّدنا سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه : " ثلاثةٌ أنا فيهنّ رجل ، وفيما سوى ذلك فأنا واحدٌ من الناس ، ما سمعتُ حديثًا من رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلا علمْتُ أنّه حقّ من الله تعالى " أي أنت إذا قرأت حديثًا عن رسول الله صحيحًا ، وفيه توجيه في طريقة البيع والشّراء ، أتَأخذُ به أم تراه لا يتناسبُ مع هذا العصْر ؟ إن رأيْت أنّ هذا الحديث الذي فيه تَوجيهٌ دقيق في طريقة البيع والشّراء ، إذا رأيت في هذا التوجيه توجيهًا لا يتناسب مع هذا العصر فأنت لا تعرف رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، وأنت لا تعرف نفسك من باب أولى ، وإن رأيت أنّ هذا التوجيه ليس من عند رسول الله ، بل هو حقّ من الله تعالى ، من الخالق ، عندئذٍ تأخذ به ، وتسْعد بهذا التطبيق ، هذه الأحاديث النبويّة الشريفة لا ينبغي أن تقرأ لِنَطَّلِعَ عليها ، يجبُ أن تُقرأ ، وأن تُدرَّس ، وأن تفهَم لِنَأخذ بها ، وإلا ما احتفلنا بِمَولد هذا النبي العظيم ، هذا النبي العظيم صلى الله عليه وسلّم رسَمَ لنا منهجًا ، وسنّ لنا سنّة ، وأعطى لنا طريقةً يجبُ أن نسير عليها حتى نسْعد بِحياتنا ، ونسعد بآخرتنا .
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزِنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أنّ ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطّى غيرنا إلينا فلْنَتَّخِذ حذرنا ، الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتْبعَ نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني ، والحمد لله رب العالمين .
* * *
الخطبة الثانية :
أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
التعرف إلى السنة النبوية الشريفة :
أيها الأخوة المؤمنون ؛ حينما قال الله سبحانه وتعالى :
﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾
فالنبي عليه الصلاة والسلام لابدّ من أنّه ذاق كلّ شيءٍ يمكن أن يذوقه الإنسان في الدنيا ، ووقفَ الموقف الأكْمَل في أخلاقه ، وفي سُلوكه ، وفي أقواله ، وفي أعماله ، فكانتْ أقواله سنّة ، وكانتْ أعماله سنّة ، وكان إقرارهُ سنّة ، وكانَتْ صفاته سنّة ، لهذا تعرَّف السنّة النبويّة المطهّرة بأنّها ما صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم من قولٍ ، أو عملٍ ، أو إقرار، أو صفة ، صفاته سنّة ، إقراره سنّة ، أقواله سنّة ، أفعاله سنّة ، فالله سبحانه وتعالى أذاقهُ طعْم الفقْر ، دخل بيته يومًا فلمْ يجِد شيئًا ، فقال : إنِّي صائم ، وأذاقهُ طعم الغنى ، سألهُ رجلٌ : لمن هذا الوادي يا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ؟ فقال : هو لك ، قال : أتهزأُ بي ؟ فقال : لا ، هو لك فقال : أشهد أنّك رسول الله تُعطي عطاء من لا يخشى الفقر . أذاقه تعالى طعْم النَّصْر فدخل مكَّةً فاتحًا ، مكّة التي ائْتمرَتْ عليه ، وأخْرجَتْهُ ، وائْتمرَت على قتله ، قال : ما تظنّون أنِّي فاعلٌ بكم ؟ قالوا : أخٌ كريم ، وابن أخٍ كريم ، قال : اذهبوا فأنتم الطّلقاء . وأذاقه طعم القهْر في الطائف ، فقال : يا ربّ ، إنِّي أشكو إليك ضعف قوّتي ، وقلّة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا ربّ المستضعفين إلى من تكلني ؟ إن لم يكن بك غضبٌ عليّ فلا أُبالي ، ولك العتبى حتى ترضى ، لكنّ عافيتَكَ أوْسَعُ لي . أذاقه تعالى طعْمَ موت الولد ، ما زاد على أن قال : إنّ العَين لتَدْمع ، وإنّ القلب ليحزن ، ولا نقول ما يُسخط الربّ ، وإنّا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون . وحديث الإفك الذي أرجفهُ في المدينة أناسٌ حول السيّدة عائشة رضي الله عنها ، ماذا فعل ؟ وقفَ الموقف المشرّف ، وقفَ الموقف الهادئ ، وقفَ الموقف الذي يليق بالإنسان .
أيها الأخوة المؤمنون ؛ لو تتبَّعتم سيرته صلى الله عليه وسلّم ، تتبَّعتم حياته ، تتبعتم أقواله ، تتبعتم أفعاله لرأيتم فيه المثَل الأعلى ، لذلك إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، إن كنتم ممّن تذكرون الله تعالى كثيرًا ، إن كنتم ممّن ترجون الله والدار الآخرة ، عندئذٍ يكون النبي عليه الصلاة والسلام قدوةً لكم ، وأُسْوةً ، ونِبراسًا ، ومثلاً ، وهذه هي حقيقة الاحتفال بِذِكرى المولد النبوي الشريف ، أن تتّخذ من هذا النبي العظيم قدوةً ، أُسْوةً ، ونِبراسًا ، ومثلاً، وأن تجعل من أقواله ، وأفعاله ، ومن إقراره ، ومن صفاته ، ومن مواقفه ، ومن أحواله مثلاً أعلى لك في حياتك ، فلذلك يجبُ أن نتعرّف إلى السنّة النبويّة المطهّرة ، احضروا مجالس العلم التي فيها حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، تعرّفوا إلى أقواله ، يقول عليه الصلاة والسلام : " لا تقل لو أني فعلت كذا وكذا ، ولكن قل قدّر الله وما شاء فعل ، فإنّ كلمة لو تفتح عمل الشيطان . . ."
يا أيها الأخوة المؤمنون ؛ لو ألغينا من حياتنا كلمة لو ، كما وجّهنا النبي عليه الصلاة والسلام ، كيف تكون حياتنا ؟ إنّ كلّ الآلام ، وكلّ المتاعب ، وكلّ الأحاسيس المؤلمة، إنّ كلّ المآسي ، سببها أن تطرح كلمة لو كما لو أنّها صحيحة ، لا تقل لو أني فعلت كذا وكذا، ما تعلّمت العبيد أفضل من التوحيد ، قال تعالى :
﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾
كلمة لو تنفي التوحيد ، لو أنِّي فعلتُ كذا لكان كذا ، لو لم أفعل كذا لكان كذا ،
ولكن قل قدّر الله وما شاء فعل .
أرجو الله سبحانه وتعالى في الخطب القادمة أن يكون فيها بعض من أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام ، وشمائله حتى تكون أُسوةً لنا نتأسّى بها في حياتنا .
الدعاء :
اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولَنا فيمن تولَيت ، وبارك اللهم لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، ولا تهلكنا بالسنين ، ولا تعاملنا بفعل المسيئين يا رب العالمين ، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعز المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .